شهدت فرنسا أمس الأحد إنتخابات حول مرشح حزب اليمين الفرنسي في الإنتخابات الرئاسية المقبلة. الملك محمد السادس لم يدخر جهدا في المراهنة الكاملة على "صديقه" نيكولا ساركوزي, والمستقبل السياسي للأخير, أصبح أكثر من أي وقت مضى في مهب الرياح بعد إنتخاب ترامب و تصويت البريكست.
حظوظ ساركوزي بالفوز في هذه الإنتخابات تضائلت بسبب عدة عوامل, ليس أقلها فوز ترامب و البريكست و الأحداث الإرهابية بفرنسا في الآونة الأخيرة, إضافة إلى تدهور الوضعين السوري و الليبي, الذي كانت رئاسة ساركوزي أحد أهم الأسباب المسببة له.
الملك محمد السادس من جهة يعول التعويل التام و الكلي على عودة ساركوزي إلى رئاسة فرنسا للتخفف شئيا ما من ضغط السنوات الأخيرة, مع العلاقات العاصفية مع إدارة أوباما و بعد خسارة هيلاري كلينتون و وصول وجه لاشك في أنه سيكون أكثر قساوة (وقساوة على الجيب بالتحديد) في حق الأنظمة الملكية في المنطقة العربية, المدينة بوجودها و إستمرارها, بحسب تصريحات ترامب الواضحة والعديدة في هذا الشأن, للولايات المتحدة. وهو الشيء الذي لا يريد ترامب إعادة النظر فيه بل فقط يريد أن يكون المقابل المادي لذلك أكثر, من "الفتات" الذي تجنيه الولايات المتحدة من وراء هذا الدعم. أو إستخداما لعبارة ترامب الشهيرة: "We get paid peanuts for this".
علاقات الملك مع جناح في إدارة الرئيس هولاند كانت متأزمة. وإن كان هذا الجناح قد أبان على قدر كبير من السذاجة في تعامله مع محور الأنظمة الإستعمارية في إفريقيا (ولو أنه نجح على سبيل المثال في سلب عدد من العقارات لرئيس الغابون علي بونغو على خلفية متابعات قضائية), إلى أن الملك سعى إلى كسب جناح Dominique Strauss-Kahn في الحزب الإشتراكي الفرنسي, الذي طغى في النصف الثاني من رئاسة هولاند بعد تعيين Manuel Valls في منصب رئاسة الوزراء.
القصر كان يرغب في "عودة الأمور إلى مجاريها", بعودة, "الصديق الحبيب العزيز" السيء السمعة, نيكولا ساركوزي لرئاسة فرنسا, و صعود هيلاري كلينتون في الولايات المتحدة. إلا أن صناديق الإقتراع, أبت في كل مرة وحتى في المغرب, أن تأتي بما يشتهيه القصر.
الوضع اليوم حرج بالنسبة للملك إذا لم ينجح ساركوزي, وصعد Jupé. فقد تجاهل الملك مثلا زيارة الأخير للمغرب و إختار تكريم و تبجيل ساركوزي في عدة زيارات مشابهة. إضافة إلى الدعمين المادي و المالي الذي منحه له. و لكن التجربة الكلينتونية أبانت على أن رهانات الملك غالبا ما تكون نذير شؤم بالنسبة للسياسيين الغربيين. وقد تكون الأمور أسوأ بالنسبة لساركوزي, فقد لا تتوقف فقط عند خسارة الإنتخابات بل أيضا المحاكمة بسبب التطورات الأخيرة في قضية تلقيه رشاوى من القذافي, بل ولما لا حتى فتح باب تحويله لمحكمة الجنايات الدولية, بسبب مسؤوليته في ما وقع بليبيا؟
الأكيد أن ساركوزي, إن عاد, لن يكون في صالح الملك كما يتصور البعض. فساركوزي سيتبنى بدون شك نفس منطق ترامب نحو عدم تلقي مقابل مادي كافي للدعم الكبير الذي يقدمونه لأنظمة كنظام الملك. و لا شك في أن ساركوزي رئيسا, سيكون وبالا ماديا إذ سيُقايض الدعم السياسي بعشرة أو عشرين مليار دولار من العقود.
المصدر : http://anayir.com/