(السبيل) - عند كل تصعيد في التوتر بين البوليساريو والمغرب، أو مع الجارة
الجزائر، يطفو على السطح موضوع تطبيع العلاقات بين موريتانيا والمملكة المغربية
والعقبات التي تحول دون قيام علاقات متوازنة تخدم البلدين الشقيقين.و كيفما يؤول
البعض واقع هذه العلاقات، والتوظيف الذي تستخدمه الصحافة المغربية لاتهام
موريتانيا، والدعوة لحصارها مغربيا عبر الهلال الإفريقي، فإن الواقع على الأرض
يجعل من الصعب الدفع بعملية التقارب وتسوية قضية الصحراء، دون فهم انعكاس السياسة
المغربية حيال جار كموريتانيا مهم للمغرب كعمق استراتيجي، و يمثل المفتاح للتوغل
في إفريقيا جنوب الصحراء.إن موريتانيا التي اختارت التزام الحياد في نزاع شكل عبئا
على المنطقة ، ولا يزال منذ اندلاعه حتى اليوم يستنزف مقدرات هذه الدول في
التسلح على حساب التنمية وتوطيد السلم.. ترى أن السبيل الأمثل لإقامة
علاقات ثنائية بين بلدان المنطقة، يجب أن يراعي أولا دواعي حسن الجوار و المصالح
المشتركة في ما بين هذه البلدان. فلا يمكن أبدا أن تقبل موريتانيا بناء حزام أو
تحالفات تتجاوزها على حدها الجنوبي، تهدد أمنها القومي ومصالحها الإستراتيجية، وفي
نفس الوقت فرض شروط الإنصياع عليها للدخول في لعبة المحاور في صراع
الصحراء التي اختارت أن تكون خارجه. و من المؤسف أننا حين نعيد تفكيك هذا الصراع،
نجد البعض يخلط بين واقع الجغرافيا و إكراهات السياسة والتوازنات الإقليمية. وهو
ما تدفع موريتانيا اليوم ثمنه غاليا على مستوى تعثر تطبيع العلاقات مع المغرب،
بالرغم من اختيارها منذ البداية موقف الحياد الإيجابي. فموريتانيا التي قررت
الخروج من حرب الصحراء عام 1978، ليست لها أطماع في استمرار الصراع إلى
الأبد.والخيارات التي طرحت على الجميع، تقوم على دعم تسوية سلمية للنزاع. لكن ما
لم يفهمه إخواننا في المغرب، الذين جعلوا من وحدة “مجتمع البيظان” في إقليم
الصحراء و موريتانيا، سببا جدليا لاتهام موريتانيا بدعم البوليساريو أو التقارب مع
الجزائر.. إضافة إلى موقف بعض السياسيين و التحليلات الصحفية التي شكلت دائما
مبررا للهجوم عليها.. هو أننا لسنا طرفا ولا نريد أن نكون طرفا في تمديد عمر هذا
الصراع المُكلف. في حين أن المغرب لم يفكر ولو للحظة واحدة حتى الآن، في ضرورة
مراجعة سياسته الإحتوائية تجاه موريتانيا، والتي يرى أغلب الساسة هنا
في نواكشوط، أنها تقوم على مد جسور التواصل مع جيران موريتانيا الأفارقة لطعنها من
الخلف.